الأحد، 18 أبريل 2010

عظة الموت ...........(2)

قد آن للغافل أن ينتبه من غفلته، وحان للنائم أن يستيقظ من نومه قبل ملاقاة الموت ومرارة سكراته، وقبل خروج الروح، والرحلة إلى عالم القبور.

وأنشدوا:

أتيت القبور فناديتُها
وأين المُذلّ بسلطانه؟؟
تساووا جميعاً فما مخبرٌ
تروحُ وتغدوا بنات الثري !!
فياسائلي عن اُُناس مضوا


فأين المعظّم والمُحتَقَر ؟؟
وأين المذَكَّى إذا ما افتخر
وماتوا جميعًا ومات الخبر
فتمحوا محاسنَ تلك الصور
أما لك فيما مَضى مُعتبر !!

وقد ورد عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – أنه خرج إلى المقبرة فلما أشرف عليها قال :

ياأهل القبور أخبرونا عنكم أو نخبركم.

أما خبر من قبلنا فالمال قد اقتسم، والنساء قد تزوجن، والمساكن قد سكنها قوم غيركم، ثم قال :

أما والله لو استطاعوا لقالوا:لم نر زاداً خيراً من التقوى، وصدق الله إذ يقول :

وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ .

ابن آدم:

تزود من التقوى فإنك راحلٌ
فما المال والأهلون إلا ودائع


وسارع إلى الخيرات فيمن يسارعُ
ولا بد يوماً أن تُرد الودائع

ويحكى أن الرشيد لما اشتد مرضه أحضر طبيباً فارسياً، و أمر أن يعرض عليه ماؤه - أي بوله - مع مياه كثيرة لمرضى و أصحاء،

فجعل يستعرض القوارير حتى رأى قارورة الرشيد فقال : قولوا : لصاحب هذا الماء يُوصي . فإنه قد انحلت قواه، وتداعت بنيته، فيئس الرشيد من نفسه و أنشد :

إن الطبيبَ بطبِهِ و دوائه
ما للطبيب يموتُ بالداء الذي
مات المداوِي، و المداوَى، و الذي


لا يستطيع دفاع نحب قد أتى
قد كان أبرأ مثله فيما مضى
جلب الدواءَ أو باعه، و من اشترى

وبلغ الرشيد أن الناس أرجفوا بموته . فاستدعى حماراً و أمر أن يحمل عليه فاسترخت فخذاه . فقال :

أنزلوني، ودعا بأكفان فتخير منها ما أعجبه و أمر فشق له قبر أمام فراشه ثم اطلع فيه فقال :

مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ . فمات من ليلته.

إِنَّ في ذَلك لَعِبرة لِمَن يَخْشى .

ابن آدم:

هي القناعة لا تبغى بها بدلاً
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها


فيها النعيم وفيها راحة البدنِ
هل راح منها بغير القطن والكفنِ؟

وصدق الله إذ يقول:

وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ .

هذه هى نهايتنا، وهذا هو مصيرنا.

فلا باقى إلا الله، ولا حى إلا الله.

هكذا يا ابن آدم يتجرد الإنسان من كل شيء في الدنيا حتى ثوبه يتركه ويُؤتى له بثوب آخر جديد يسمى الكفن، وهذا الثوب لا ثياب بعده.

وهو الذى كان يبدل الثوب في اليوم أكثر من مرة ..

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ .






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق