الاثنين، 29 مارس 2010

الإنسان وبقية الأشياء.................

خلق الله الإنسان وميزه بالعقل عن سائر المخلوقات وسخر له كل شيء في الكون بل الكون ذاته وسنتناول في هذا المقال علاقة الإنسان بالكون والفضاء والأرض والماء والنبات والحيوان
وإذا نظرنا إلى الإنسان والكون (مايحيط به) فسنجد أن الله خلق الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم كلها ذات فوائد عظيمة للإنسان تعينه في حياته ومعيشته وسعيه في طلب الرزق وسكونه وراحته ليلا وسعيه نهارا لكسب العيش ثم على الأرض نجد أن الله هيأها للإنسان بما فيها من هواء وماء وتربة صالحة للزراعة ـ وقد أفسد الإنسان معظم هذه النعم بتدخله غير المسئول وإساءته التعامل مع الطبيعة ومع نعم الله ـ وكذلك سخر الله للإنسان النباتات من حوله مختلفا أشكالها وأكلها وبها من الإعجاز ما يفوق عقول البشر من نخيل وأعناب وزهور وحدائق ذات بهجة للناظرين
ثم الحيوان والأنعام وما فيها من فوائد عظيمة للإنسان
أمام كل هذه النعم على الإنسان أن يشكر به ويحمد لكى يزيده من نعمه ولا يفسد في الأرض وقبل كل ذلك طاعة الله وعبادته حق العبادة حتى لا يوجب على نفسه زوال النعمة

السبت، 27 مارس 2010

أخلاق أبو جهل (لعنه الله) ........كيف؟؟؟؟؟؟؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم
في قصة الهجرة عندما تجمع الكفار حول دار النبى صلى الله عليه وسلم لقتله وتفريق دمه بين القبائل وبعد طول انتظار أراد القوم تسور الجدار والدخول على النبى صلى الله عليه وسلم لقتله
فرفض أبو جهل!!!!! نعم رفض أبو جهل وقال لهم : حتى لا تقول العرب أن تسورنا على بنات عمنا وهتكنا سترهن
ماهذا التناقض الغريب ؟؟؟ وهل هذا تناقض هل هذه أخلاق كافر يرفض التصديق والإيمان بالله ؟؟؟!!!
إذانظرنا إلى العرب نجد أن أهم ما يميزهم هذه الأخلاق الكرم ونصرة المظلوم وغير ذلك من الأخلاق الكريمة التى جاء الإسلام ينادى بها ولكن عندما اصطدم الدين مع عصبيتهم غلبتهم عصبيتهم فصدتهم عن الدين فبقوا على كفرهم
فشخص مثل أبى جهل كان أعدى أعداء النبى صلى الله عليه وسلم يرفض أن يتسور عليه الجدار
لعل هذه النوعية من الشخصيات والتى يوجد شبيه بها في مجتمعاتنا الحالية في حاجة إلى دراسات نفسية لمعرفة ما يدور في كوامنهم

الجمعة، 26 مارس 2010

كثرة المال من علامات الساعة


كثرة المال من علامات الساعة

النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ وَحَتَّى يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الَّذِى يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ لاَ أَرَبَ لِي]

فى هذا الحديث الشريف بيان جلى لكثرة المال قرب الساعة كثرة بالغة.

ومن الصور البيانية : عندما أراد الرَّسُول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنْ يخبرنا عن كثرة المال قرب الساعة فقال:( لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ)

فقيام الساعة منتفٍ، حتى يتحقق ما ذكره ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو كثرة المال وزيادته.

والتعبير بالمضارع (فيفيض) تعبير استعارى، إذ هو مستعار من : فيض الماء، لكثرة المال وزيادته.

(يفيض)، استعارة من فيض الماء، ويقال: فاض الماء إذا كثر حتى سال على ضفة الوادى.

بناءً على ذلك يكون قد شبه: كثرة المال، بفيض النهر ونحوه، بجامع:الزيادة فى كلٍ، ثم استعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه، ثم اشتق من (الفيض) بمعنى:الكثرة، (يفيض) بمعنى: يكثر. على سبيل الاستعارة التبعية التصريحية.

وهذه الصورة الاستعارية توحى: بزيادة المال يومئذٍ زيادة كبيرة، حتى ليخيل للسامع أنه يفيض، فيض الماء.

ومِن ثَمَّ ندرك بأنَّ التعبير بالاستعارة أبلغ من الحقيقة المجردة، لو قال: يكثر فيكم المال فيزيد.

وعن الاستعارة فى الحديث يقول أحد الباحثين: استعارة الفيضان لزيادة المال وإن كانت قريبة وسهلة التناول إلا أنها قامت بأداء المعنى خير قيام وصورت كثرة المال وزيادته فى صورة معبرة موحية وذلك؛ لأنَّ التعبير بالفيضان أقوى فى الدلالة على الكثرة من التعبير بالزيادة، ولذا استحقت هذه الاستعارة بأنْ توصف بأنها بليغة.

وزاد من بلاغة الاستعارة، وتقريبها إلى أذهان المخاطبين التعبير بهذه الأفعال:

(تقوم ....، يكثر....، فيفيض) فقد ذكرت بصيغة المضارع وهو يقرب المشهد، ويعين على إدراك المعنى مع المبالغة فى إضفاء الواقعية عليه، فتبدو الأحداث وكأنها تجرى الآن.

فقد وضح مما سبق: أنَّ المال يكثر قرب الساعة كثرة عظيمة وزاد فى تقريب هذا المعنى وترسّبه فى الأذهان صياغته فى تصوير استعارى أضفى عليه الخلابة والسحر.


إنما الصبر عند الصدمة الأولى

مَرَّ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بِامْرَأَةٍ تَبْكِى عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ: اتَّقِى اللَّهَ وَاصْبِرِى قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِى وَلَمْ تَعْرِفْهُ فَقِيلَ لَهَا إِنَّهُ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ فَقَالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ فَقَالَ: إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى].

يحكى هذا الحديث الشريف حوار النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع امرأة وجدها تبكى عند قبر، فأمرها بالتقوى والصبر ولكنها قالت لـه : (إليك عنى..)

فلما أُخبرت بأنه النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أتت إليه لتعتذر.

من الصور البيانية في الحديث أنه لمّا ذهبت المرأة إلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ تعتذر عمّا صدر عنها، قال لها: (إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى).

والمراد: دعى الاعتذار فإنَّ من شيمتى أنْ لا أغضب إلا لله، وانظرى إلى تفويتك الثواب الجزيل بالجزع وعدم الصبر.

والتعبير بلفظ (الصدمة)، فى قولـه (الصَّدْمَةِ الأُولَى)، تعبير مجازى.

لأنَّ الصَّدْمُ: ضَرْبُ الشىء الصُّلْب بشىء مثله. وصَدَمَه صَدْماً: ضَرَبه بجسده .

من هذا ندرك بأنَّ اللفظ هنا مستعمل فى غير حقيقته، فهو استعارة أصلية تصريحية.

حيث استعار ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصدم وهو فى الأصل ضرب الشىء الصلب بشىء مثله؛ للمصيبة.

فشبه: المصيبة بالصدمة بجامع: شدة التأثير فى كلٍ، ثم حذف المشبه، ثم استعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه. على سبيل الاستعارة الأصلية التصريحية.

وهذه الصورة الاستعارية توحى: بثقل المصيبة وشدة وقعها على النفس، لذلك استعار لها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصدمة.

وهذه الصورة الاستعارية ، من استعارة محسوس لمعقول، فالمستعار منه: حسي: وهو الصدم، والمستعار لـه عقلى وهو: المصيبة.

وفى إيثار التعبير بلفظ :(الصبر) فى هذا السياق دقة بالغة؛ لأنَّه يناسب المستعار لـه :(المصيبة)، مناسبة كاملة؛ لأنها تحتاج إلى الصبر عند نزولـها لشدة وقعها، ثم إنَّ فى الصبر الجزاء الأوفى قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ

ولطيفة فى كلمة :(الأولى)، فى قولـه (الصَّدْمَةِ الأُولَى)، إذ توحى: بأنَّ الصدمة الأولى أشد على النفس وأقسى مما يليها.

وبهذا يتبين لنا كيف استطاع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ توظيف الصورة الاستعارية فى بيان فضيلة الصبر السامية، وأهميته الكبرى عند الشدائد ـ نجانا الله منها ـ .


الأربعاء، 24 مارس 2010

دعاء

لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين

الاثنين، 22 مارس 2010

حديث

((((اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن)))) حديث عظيم فبينك وبين ربك التقوى ولأعمالك الحسنات وللناس المصاحبة بالحسنى

الجمعة، 19 مارس 2010

أسلوب الترغيب والترهيب في القرآن الكريم


خلق الله الإنسان وميزه على سائر الكائنات بالعقل والتفكير، وجعله بهذا العقل يهتدى إلى الحق، ومن الناس من يظل على ضلاله وظلمه أو في غفوة لا يستفيق منها والنفس البشرية الطائعة بحاجة إلى ترغيب والنفس البشية العاصية بحاجة إلى ترهيب.

لذلك انتهج القرآن الكريم مع النفس البشرية أسلوب الترغيب والترهيب ليعينها بل ليحملها على الطاعة ، لأن النفوس البشرية تحتاج في إلزامها بالأمر إلى ترغيب يكون بمثابة الحافز على العمل حتى يستنهض الهمم ويلهب العزائم نحو الأمر المطلوب ، ومن النفوس ما لا يجدى معها الترغيب والتحفيز فكان أسلوب القرآن معها قرع العصا بالترهيب والزجر والوعيد.

وقد كانت أعلى درجات الترغيب التى استخدمها القرآن الكريم في استنهاض النفوس إلى أمر العبادة هي الترغيب بالجنة فقد وعد الله تبارك وتعالى الطائعين بالجنة فقال تعالى{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً [سورة النساة:57] ثم ترقى بهم في هذا الترغيب فذكر ما أعد لهم فيها من النعيم المقيم والسعادة الدائمة في الجنة ..

فالجنة بها رؤية الله ولقاء الأنبياء والصالحين والجائزة الكبرى لمن أطاعوا الله في الدنيا لذلك فالترغيب بها يستنهض الهمم للمزيد من الطاعات والخيرات.

وقد كانت أعلى درجات الترهيب التى استخدمها القرآن الكريم هي الترهيب بالنار وما أعد فيها للعصاة والكافرين،فقد قال الله تعالى{إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً} [سورةالكهف : 102] وقال { وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً} [سورة الفرقان: 11] . .

فآيات الوعيد الشديد تزجر النفوس العاصية وتذكرها بما أعد للعصاة يوم القيامة، وهي آيات أيضا لحث الطائعين لزيادتهم فى الطاعات خوفا من الله وعذابه وطلبا لرضاه وجنته.

اللهم اجعلنا من الطائعين الداخلين جنة النعيم المبعدين عن نار الجحيم.

الأربعاء، 17 مارس 2010

تعقيب على المقال السابق

بسم الله الرحمن الرحيم
كان حديثى في المقال السابق عن مدارسنا قديما وما كانت تتسم به من احترام كبير ومتبادل بين المعلم والمتعلم يحفظ لهذه المهنة احترامها
لكن ما نجده في بعض مدارسنا اليوم يختلف عن السابق جملة وتفصيلا وما نسمع عنه من أحداث غريبة تجرى في مدارسنا تحتاج الى وقفة وتقويم
فمن طالب يعتدى على معلمه بالضرب بالعصا ومن معلم يضرب تلميذا حتى الموت فهذه مستجدات غريبة خرجت بالمدرسة عن إطارها التربوى التعليمي
والواقع أن المدرسة هى جزء من المجتمع تتأثر بما يحدث فيه فالمعلم يتأثر بظروف مجتمعه والطالب يتأثر بأبويه ومن هذا وذاك ينتج خليط من السلوكيات المرفوضة تؤدى إلى نتائج سيئة
نحن نحتاج إلى وقفة تدبر وتأمل وإصلاح لأن ما فسد يحتاج لوقت لإصلاحه قد يمتد لسنوات

الثلاثاء، 16 مارس 2010

مدارسنا ...... قديما

بعض النصائح التى كانت تقال للطلاب في مدارسنا منذ خمسين سنة:
الواجب في حق المعلم والمعلمة:
- اعلم يابنى أن المعلم بمثابة الأب، والمعلمة بمثابة الأم وهما مكملان لبعضهما فالأب والأم يربيان الجسم والمعلم والمعلمة يربيان العقل والروح
فالواجب عليك محبتهما وتعظيمهما وشكرهما على تعليمك وتهذيب أخلاقك
- يجب عليك أن تجلس أمام معلمك في غاية الأدب والانتباه لما يلقيه عليك لكيلا يضطر لإعادة الدرس مرة أو مرتين فتكون سببا لبح صوته وتعبه بدون فائدة وهذا لا يحدث غالبا إلا من التلاميذ الغافلين
- إذا سألك المعلم فقف بكل احترام واجعل يديك بجانبك وبعد فهم السؤال أجب عليه بإجابة واضحة
- ليس مسموحا لك أن تجيب عن سؤال سئل عنه غيرك إلا إذا طلب منك ذلك
- لا ينبغى لك أن تخطئ المعلم في أمر ما بل احترم رأيه واعمل بنصائحه المفيدة
- من قلة الحياء مشاغبة المعلم أو التهكم عليه أو عدم الإذعان لأوامره أو التشويش عليه أثناء الدرس
كما أنه من قلة الحياء عدم التأدب معه وعدم إخلاء محل لمروره في الأماكن الضيقة العبور
- يجب عليك احترامه معلميك مهما بلغ سنهم وعدم استعمال المزاح معهم ومحادثتهم كما تحادث زملاءك
هذه بعض الأمثلة عن النصائح التى كانت توجه للتلاميذ نحو معلميهم

الاثنين، 15 مارس 2010

أنا والذبابة..................

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الكتابة في مووع ما تحتاج إلى صفاء ذهن وتركيز واندماج مع ما يكتب حتى يخرج الموضوع مترابطا ذا فا>ة وهدف واضح يستفيد منه القارئ
وما إن تبدأ في الكتابة حتى يزروك زائر ثقيل يزعجك ويجعل من الكتابة التى هى أمر مسل وجميل إلى أمر مزعج إنه الذباب وماأدراك ما الذباب عندما تكون لديه النية والرغبة في إزعاج شخص ما
ولا أقول الذباب بالجمع فذبابة واحدة تكفى لكى تنغص عليك يومك ومقالك وتجعلك تدور وتتطاير الأفكار من رأسك مع كل طنين لها حول رأسك وكأنما تريد أن تجعل أفكارك تتطاير
والذباب مخلوق من مخلوقات الله وقد ذكر في القرآن الكريم قال تعالى {وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب}سورة الحج 73
فالذباب على ضعفه وصغره آية ودليل على الإعجاز في خلقه لأنه لو سلب وأخذ من الإنسان شيئاً لا يستطيع استرجاعه فهو يتخذه طعاما ويهضمه في جسمه ولا تستطيع فصل مكوناته عن الذباب
والذبابة لحوحة للغاية وتصر على تكدير صفاء ذهنك وتفكيرك بطنينها الذى يسبب إزعاجا مستمرا وأنت لا تستطيع أن تطير لتلحق بها في على الطيران أقدر منك وأكفأ ولكن عليك انتظار فرصة تسنح لك للقضاء عليها وربما طالت هذه الفرصة فأخذت من وقتك الكثير وضيعت عليك أفكارا قد لا تعود إليك مرة أخرى ورفت من ضغط دمك

الأحد، 14 مارس 2010

جماليات بيانية في حديث سيد الاستغفار


[ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ قَالَ وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ].رواه البخارى

لقد أعلى النبى صلى الله عليه وسلم من شأن الاستغفار ونوه على فضله في أحاديث كثيرة . وفي هذا الحديث ينوه النبى صلى الله عليه وسلم على صيغة معينة للاستغفار جامعة لكل معانى التوبة، بما تحمله من معانى الذل والافتقار إليه سبحانه.

فقد جمع فيه النبى صلى الله عليه وسلم من بديع المعانى وحسن الألفاظ ما يحق له به أن يسمى سيد الاستغفار ، ففيه الإقرار لله وحده بالألوهية ، والعبودية ، والاعتراف بأنه الخالق والإقرار بالعهد الذى أخذه عليه والرجاء بما وعده به والاستعاذة من شر ما جنى العبد على نفسه وإضافة النعماء إلى موجدها وإضافة الذنب إلى نفسه ورغبته في المغفرة واعترافه بأنه لا يقدر على ذلك إلا هو

ولما كان الشأن في هذا الحديث إعلاء قيمة هذه الصيغة للاستغفار من بين جميع الصيغ ـ لما فيها من معانى الذل والافتقار ـ ناسب ذلك أن يستهل النبى صلى الله عليه وسلم هذا البيان بالأسلوب المجازى فقال (سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ) والسيد في الأصل الرئيس الذى يقصد في الحوائج ويرجع إليه في الأمور ولما كان هذا الدعاء جامعاً لمعانى التوبة كلها استعير له هذا الاسم ولا شك أن سيد القوم أفضلهم وهذا أيضاً سيد الأدعية ، وهو الاستغفار لما فيه من ذكر الله بأكمل الأوصاف وذكر نفسه بأنقص الحالات ، وهو غاية التضرع ونهاية الاستكانة لمن لا يستحقها إلا هو.

وعلى ذلك فصورة الاستعارة ظاهرة حيث شبه أفضلية هذه الصيغة على غيرها بالسيد المقدم في قومه بجامع الفضل في كل ثم تنوسى هذا التشبيه واستعار السيد للأفضل من الصيغ على سبيل الاستعارة الأصلية. وقيمة الاستعارة تظهر في أنها تقوم على المبالغة فهى أعلى مرتبة من التشبيه وأبلغ لأنها بنيت على تناسي التشبيه وادعاء أن المشبه فرد من أفراد المشبه به وهذا أبلغ في دعوى اتحاد الطرفين. ولذا يقول الإمام عبد القاهر في إثبات فضلها :" وأما الاستعارة فسبب ما ترى لها من المزية والفخامة أنك إذا قلت : رأيت أسدا تريد رجلاً شجاعاً كنت قد تلطفت لما أردت إثباته له من فرط الشجاعة حتى جعلتها كالشيء الذي يجب له الثبوت والحصول وكالأمر الذي نصب له دليل يقطع بوجوده وذلك أنه إذا كان أسدا فواجب أن تكون له تلك الشجاعة العظيمة ، وكالمستحيل أو الممتنع أن يعرى عنها وإذا صرحت بالتشبيه فقلت : رأيت رجلا كالأسد كنت قد أثبتها إثبات الشيء يترجح بين أن يكون ، وبين أن لا يكون ولم يكن من حديث الوجوب في شيء"

والأسلوب العام في الحديث هو الأسلوب الخبرى لأنه في الأصل دعاء والدعاء يناسبه عرض الحال وإظهار الذل والافتقار.

وقد جمع هذا الحديث آداب الدعاء التى ينبغى أن يتحلى بها المسلم عندما يناجى ربه ويطلب منه المغفرة، فابتدأ بالثناء على الله عز وجل بما هو أهله من الإقرار له سبحانه بالألوهية، ثم ثنا بوصف حاله بما هو فيه من ذل العبودية والافتقار إليه سبحانه ، فاشتمل الحديث على أربع جمل خبرية في الثناء على الله (أَنْتَ رَبِّي ـ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ـ خَلَقْتَنِي ـ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ) ثم قوبلت هذه الجمل الأربع بمثلها في وصف حال الداعى (َأَنَا عَبْدُكَ ـ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ـ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ـ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي).

وقد اقتصر الأسلوب الطلبى في هذا الدعاء على جملتين (أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ ـ فَاغْفِرْ لِي) تحيط بهما الأساليب الخبرية من كل جانب مما يدل على التلطف في الدعاء والتوطئة له وإكثار التذلل والاستعطاف قبله وبعده ليحاط بالقبول على قدر إحاطته بالثناء والتذلل.

وقد استهل هذا الاستغفار بقولـه (اللهم أنت ربى) وصيغة اللهم من صيغ النداء الملازمة له والميم المشددة فيها عوض عن (يا).

واستهلاله بالنداء توطئة للدخول على الله بالثناء عليه بقولـه (أنت ربى) وهو إقرار بالربوبية مؤكد بأسلوب القصر بطريق تعريف الطرفين قصر حقيقي تحقيقي ثم أكد هذا الإقرار بإقرار آخر وهو إقرار بالألوهية بإثباتها لله وحده ونفيها عن سواه أيضاً بطريق القصر فقال (لا إله إلا أنت) ليتم التوحيد بأركانه الثلاثة " توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ثم توحيد الأسماء والصفات الذى سيأتى في قولـه (أنت خلقتنى) ولك أن تنظر إلى جمال البيان النبوي حين أخرج معنى الإقرار بالربوبية والإقرار بالألوهية في هذا الأسلوب العجيب ـ أسلوب القصر ـ الذى يدل على تقرر المعنى وتأكده في نفس المتكلم، فابتدأ أولاً بالإقرار بالربوبية عن طريق أسلوب القصر بتعريف الطرفين (أنت ربى) قصر موصوف على صفة قصر حقيقي تحقيقي ليعلن بها ما تقرر في نفسه وصدق بها قلبه من نفى صفة الربوبية عما سوى الله تعالى، ثم يؤكد ذلك بإقرار آخر عن طريق القصر أيضاً بالنفى والاستثناء (لا إله إلا أنت) قصر صفة على موصوف إقراراً بالألوهية له وحده سبحانه. والقصر هنا بالنفى والاستثناء على خلاف الأصل في أن النفى والاستثناء يراعى فيه حال المخاطب،فيكون في أمر ينكره المخاطب أو يشك فيه

ففى الحديث اعتراف بالنعم ، واعتراف بالتقصير في شكرها ، وطلب للمغفرة على ذلك يقول ابن القيم :"جمع بين مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس والعمل، فمشاهدة المنة توجب المحبة والحمد والشكر لولى النعم والإحسان ، ومطالعة عيب النفس والعمل توجب له الذل والانكسار والافتقار والتوبة في كل وقت".

وختم الاستغفار بقولـه (فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ) فهو تعليل لطلب المغفرة وطمع ورجاء في حصول ذلك، وجاء هذا التعليل أيضاً بأسلوب القصر الحقيقي التحقيقي ليؤكد معنى الذل والافتقار إليه سبحانه.

وبعد أن اكتملت صيغة "سيد الاستغفار" جاء التشويق والترغيب في الإكثار من قولها بما أوضح ما أعد من جزاءٍ عظيم وثواب جزيل في الآخرة فقال :( وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ) وكذلك العكس (وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ).

أى جزاء وفضل أعظم من هذا ؟! كلمات بسيطة سهلة على اللسان ومحببة إلى النفوس بما تحمله من الإقرار والاعتراف بفضل المتفضل وذلة المتفضَل عليه، يقولـها العبد ـ على شرط اليقين والتصديق به ـ فإذا مات من يومه دخل الجنة أو قالها من ليل فمات دخل الجنة.

وانظر إلى تأكيد حصول الجزاء حين يلبس المعنى ثوب الشرط وجزاؤه فيترتب الجزاء ترتباً حتمياً على وقوع الشرط ويزيد هذا التأكيد بجعل جواب الشرط جملة اسمية (فهو من أهل الجنة) فهو إبراز لما سيحدث في معرض الثابت المتحقق تأكيداً على الوقوع والحصول.

وبالجملة فإن المتأنى في قراءة الحديث يلحظ المناسبة التامة بين الفواصل ويلحظ الإيقاع الرائع المنبعث من تجانس الألوان البديعية الواردة في الحديث، كالجناس الناقص بين (عهدك ووعدك) وكالسجع بين (وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت وأعوذ بك من شر ما صنعت) وبين (أعوذ بك، وأبوء لك) وبين (نعمتك على ،فاغفر لى ) .


السبت، 13 مارس 2010

رسالة بها معانٍ عظيمة....

الموضوع في خطبة الجمعة كان عن رسالة من امرأة تقول فيها:

أنا سيدة على قدر بسيط من التعليم ولكنى أتمتع بقدرة كبيرة على التعامل مع الآخرين بمختلف ثقافاتهم وعقولهم وقد تزوجت برجل صالح عشت معه حياة طيبة ولكن بعد مرور ثلاث سنوات اكتشفت أننى عقيمة ولن أستطيع الإنجاب ونصحت زوجى بأن يتزوج من تستطيع أن تنجب له الأولاد ولكنه رفض وقال إنه لا يشغله مثل هذا الأمر ولكن بعد إلحاح منى وافق وطلب منى أن أختار أنا له من ستكون زوجته الثانية ولكنى طلبت منه أن يكون هو صاحب الاختيار والقرار وفعلاً بعد بحث وجد إنسانة طيبة وكانت تصغرنى بحوالى عشر سنوات وتم الزواج وكان لزوجى بيت ثانى استقرت فيه الزوجة الجديدة وبعد مرور أسبوع من الزواج ذهبت لكى أبارك لهما وأتعرف عن رب بهذه الزوجة وطلبت منها ان نكون أختين أنا وهى لا ضرتين كما يحدث في بعذ الزيجات وطلبت منها أن تأتى لتسكن في البيت الذ أسكن فيه وتختار الشقة التى تعجبها توفيرا على زوجى في النفقات فاستغربت أول الأمر من هذا الطلب ولكنها وافقت بعد ذلك وجاءت واختارت الشقة العلوية وسكنت أنا في الشقة التى بالدور الأرضى وفعلا أصبحنا كأختين ونمت مشاعر الحب بيننا ثم مضت ثلاث سنوات أنجبت خلالها طفل وطفلة جميلين وكانت هى تنجب وأنا أربى ومرت الأيام بيننا هنيئة وفي يوم من الأيام وقعت المفاجأة التى لم تكن في الحسبان بعد ذهابى للطبيب الذى أعلن أننى حامل وكانت مفاجأة مذهلة ومرت الأيام وأنجبت طفلى وأصبحنا في البيت 6 ستة أفرادثلاثة كبار وثلاثة صغار أنا وأختى (التى هى زوجة زوجى) وأخانا الأكبر (زوجى) والذى كنا نناديه بهذا والثلاثة الصغار ابنتى وابني أختى وعشنا في محبة ووئام حتى جاء يوم مرض فيه زوجى مرضا شديدا وأصيب بالشلل وبعد رحلة علاج بعنا أنا وأختى فيها مصوغاتنا وكل ما نملك تحسنت حالة زوجى بعض الشيء ولكن هذه الأزمة تركت آثارها عليه فأصبح يتحرك بصعوبة بعد أن أصاب الشلل احدى رجليه واحدى يديه وبعد مرور حوالى 8 سنوات توفى زوجى وعشت انا وأختى وكبر الأبناء وكل يوم عن يوم نزداد حبا وقربا حتى أنى حين مرضت وذهبت إلى المستشفى ذهبت معى وكانت تبيت عند قدمى وتبكى من أجلى حتى شفيت وعند عودتى إلى البيت كانت في قمة الفرح والسرور

والهدف من رسالتى أن توجهها إلى مستمعيك حتى يأخذوا العبرة منها وأن يسود الحب وتسود المودة بين الناس ويبتعدوا عن كل ما يعكر صفو الحياة

الخميس، 11 مارس 2010

أفشوا السلام


(أَفْشُوا السَّلاَمَ)

جزء من حديث للرسول صلى الله عليه وسلم واستخدم كلمة أفشوا بدلاً من أن يقول ألقوا السلام أو يسلم بعضكم على بعض أو غير ذلك، وكأنه صلى الله عليه وسلم يريد السلام بمفهومه الأشمل وليس المقصور على التحية والسلام، السلام الذى ينبعث من الأعماق يترجم المحبة التى يحملها كل قلب مسلم لأخيه فيشعر معه بالأمن والسكينة والطمأنينة. ليس السلام الذى تسمعه الآذان فتتوجس منه القلوب خيفة.

حتى أن حروف الكلمة نفسها تدل على مقصوده صلى الله عليه وسلم ، فإذا نظرنا إلى الألف نجد أنها تخرج من الجوف ويتسع معها الفم ، والشين سماها علماء الأصوات بحرف التفشى أى الانتشار لأنها تتفشى وتنتشر في مخرجها عند النطق بها.

إنها دعوة الإسلام الراقية العظيمة إلى السلام ونشر المحبة والوئام ونزع الأحقاد والأدران من القلوب ليعيش المسلمون في الأرض إخواناً لا تحاسد بينهم ولا تباغض.

الأربعاء، 10 مارس 2010

إنا لله وإنا إليه راجعون

توفى إلى رحمة الله الشيخ محمد سيد طنطاوى ....شيخ الأزهر بأزمة قلبية
وهكذا الموت: الموت يأتى بغتة...... والقبر صندوق العمل
وموت الفجأة من علامات اساعة وقد كثر في زماننا هذا تكون مع شخص ثم بعدها بلحظات يأتيك خبر وفاته....وكثرت الأمراض : أزمة قلبية، ذبحة صدرية ، جلطة في المخ، ضيق في التنفس، هبوط حاد في الدورة الدموية
وكم رأينا من لاعبين في أرض الملعب يسقطون فجأة في أرض الملعب ... تخيل حتى وهو يلعب وتحت رعاية طبية مستمرة ومعه الطبيب ولكن لا ينفعه الطبيب
إن الطبيب بطبه ودوائه.....لا يستطيع دفاع موت قد أتى
مات المداوى والمداوَى والذى ..... صنع الدواء وباعه ومن اشترى
حتى الطبيب يأتيه الموت وقد يأتيه في نفس تخصصه الذى يعالج الناس منه:
قل للطبيب تخطفته يد الردى........ياشافى الأمراض من أرداك؟
قل للصحيح يموت لا من علة.......من بالمنايا يا صحيح دهاك
قل للمريض نجا وعوفى بعدما .......عجزت فنون الطب من أنجاك
وانتشار الموت بين الشباب بطريقة كبيرة كل ذجل يجعل الانسان يتعظ ويتفكر في ذلك....لذلك فيجب على الانسان أن يجعل خاتمته حسنة بأن تكون أعماله حسنة لأن الموت حقيقة وواقع لا مفر ولا مهرب منه ولا يعمل موعده إلا الله
فالعظة لى ولك ولغيرنا



الثلاثاء، 9 مارس 2010

البلاغة النبوية فى حديث ( كفالة اليتيم) .......

فضل كفال اليتيم والإنفاق عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخارى :[ حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى]

"بذل الخير سعادة ، وإسعاد الحزين متعة ، ومسح دمعة هناءة تملأ النفس رضا والقلب سكينة ، واليتيم صغير ضعيف سلبه القدر من يكلفه ليكبر ويحميه ليقوى ، فإذا جعل امرؤ من نفسه لليتيم أباً لا يحس مع وجوده فقد ما سلب، فليس هذا المرء إلا مؤمن كامل. وكان مع النبى صلى الله عليه وسلم في الجنة.

والحديث بهذا الأسلوب التربوى صورة رائعة من صور الدعوة إلى التكافل الاجتماعى الذى يكون فيه المجتمع المسلم نسيج واحد يقوى بعضه بعضاً.

والحديث على وجازة لفظة وقلة كلماته اشتمل على لطائف بلاغية رائعة، منها استخدامه صلى الله عليه وسلم للإشارة بإصبعيه في حالة نطقه بالحديث كوسيلة توضيحية لتقرير المعنى وتمكينه في النفوس فقال (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا) وأشار بإصبعيه.

فانظر كيف صورت هذه الإشارة عظيم الجزاء الذى وعد به كافل اليتيم. إن هذه الإشارة تعنى أن كافل اليتيم رفيق النبى صلى الله عليه وسلم في الجنة ومجاوره مجاورة السبابة للوسطى، "وانظر كيف جمع النبى صلى الله عليه وسلم في هذه الصورة بين حاله مع كافل اليتيم مشبهاً وحال السبابة والوسطى مشبهاً به، وبين هذه الإشارة باليد ليدل بالمقرر المحض والمؤكد الشاهد على تأكيد أجر كافل اليتيم وتقريره."

يقول ابن بطال كما نقل عنه صاحب تحفة الأحوذى :"حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبى في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك."

وكفالة اليتيم لا تقتصر على كفالة الأقرباء فقط، بل هو لفظ مطلق يدل على كفالة أى يتيم، كما وضحت ذلك رواية الإمام مسلم (كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ).

ومن بدائع البيان في الحديث: ورود هذه البشرى في صورة الجملة الاسمية التى بصيغتها تدل على الثبوت فهى آكد في تصوير المعنى وتقرير الجزاء فهو يصور الأمر الذى سيكون في الآخرة في معرض الثابت المحقق دلالة على تحقق الوقوع.

كما أن في عطف كافل اليتيم على الضمير (أنا) العائد إلى النبى صلى الله عليه وسلم بالواو يفيد المصاحبة والمعية. وهذه المعية والمصاحبة في جانب المشبه إرصاد إلى جنس الجزاء الذى يدل عليه تمام العبارة (هكذا)

وانظر إلى تقييد هذه المعية بكونها (في الجنة) يجعل البشارة بشارتين أولاهما رفقة النبى صلى الله عليه وسلم وصحبته ، والثانية التأكيد على أنه من أهل الجنة.

وفي تصويره لقرب هذا الكافل منه في الجنة جعل الممثل به (ذا) اسم إشارة مسبوقاً بهاء التنبيه ليلفت الأذهان بشدة إلى الصورة الشاخصة القريبة من العين المرافقة للنطق وهي السبابة والوسطى الممتدان مع قبض غيرهما لتمام التمييز ولتأكيد رؤية الجوار بلا فارق محس رمزاً إلى القرب الروحي الذى يجمع بين النبى صلى الله عليه وسلم وبين هذا الإنسان الرحيم."

ولعل الحكمة في هذا الاقتران أن هذا الكافل شابه النبى صلى الله عليه وسلم بفعله هذا فالنبى صلى الله عليه وسلم من شأنه أن بُعث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم فكان كافلاً لهم ومعلماً ومرشداً ،وكذلك كافل اليتيم قام بكفالة من لا يعقل أمر دينه بل ولا دنياه فأرشده وعلمه وأحسن تأديبه. فكانت المناسبة."

إن هذا الحديث على إيجازه وقلة عدد كلماته ليمثل قاعدة أساسية من قواعد بناء المجتمع المسلم النظيف الذى تتماسك لبناته فلا يضيع فيه الضعيف ، وهذا اليتيم ضعيف مسكين سلبه القدر ما أعطى غيره من رعاية الوالدين ، فجاء هذا الحديث ليعوض هذا اليتيم عن فقد والده بكافل يرعاه ويقوم على شئونه.

وكان من أبلغ وسائل الترغيب في كفالة هذا اليتيم هو الإشارة التى دلت على الاقتران والملازمة للنبى صلى الله عليه وسلم في الجنة.

فكان الحديث بحق ركناً أساسياً في قاعدة التكافل الاجتماعى التى تضمن سلامة المجتمع.

الاثنين، 8 مارس 2010

وأخيرا التقيا ....

أكلا من نفس الوعاء وشربا من نفس الكوب وناما في نفس الحجرة وشبا وكبرا فبدأ يتغير كل شيء وتظهر الفروق التى لم تكن بادية من قبل
وبدا كل منهما في اتجاه يخالف الآخر ............... أحدهما أصبح من ساماته الجد والاجتهاد والانضباط،والآخر يغلب عليه الاستهتار واللامبالاة
انفصلا عن بعضهما البعض .... بعد أن كانا أخوين لا يفرقهما شيء
بدأت تتضح معالم طريق كلا منهما......أحدهما سلك الاتجاه الصحيح تدرج في المناصب حتى صار قاضيا ذو سمعة ومكانة مرموقة
والآخر كان الفشل رفيقا له في دربه
وأخيرا التقيا في ساحة القضاء، أحدهما على منصة القضاء،والآخر وراء القضبان

الأحد، 7 مارس 2010

رأيت الناس قد مالوا.....

رأيت الناس قد مالوا......................إلى من عنده مـــــال
ومــــن لا عنده مــــال.....................فعنه الناس قد مالوا
أبيات شعرية معبرة عن تأثير وشهوة المال على المجتمع وأفراده
فذو مال له نفوذ وجاذبية لبعض صنوف المجتمع التى تؤثر مخالطة أصحاب المال واليسار بغية أن يصيبهم من الحظ والخير جانب
وعلى النقيض يزورّ الناس عن من ليس لديه مال إحساسا منهم بأنه لا فائدة من مصاحبته والتقرب إليه
وهذا قياس فاسد عند الأشخاص حيث أن المال قد يكون سببا للسعادة أو لا يكون سببا لذلك
ومن جمال الأبيات السابقة الجناس الموجود فيها مما وفيما تلاها من أبيات:
رأيت الناس منفضة....................إلى من عنده فضة
ومن لا عنده فضة...................فعنه الناس منفضة
واستكمالا لانواع المال:
رأيت الناس قد ذهبوا.........................إلى من عنده ذهب
ومن لا عنده ذهب...........................فعنه الناس قد ذهبوا
وإن كنت أرى أنها ليست ظاهرة يقاس عليها فمن أصحاب الأموال أخيار كُُثر ومن الفقراء أشرار كثُر

السبت، 6 مارس 2010

الطمع


الطمع صفة سيئة تودى بالانسان إلى الهلاك
واذا نظرنا الى الصورة نجد أن الانسان ليس وحده هو الذى يتصف بهذه الصفة لكن الحيوان له نصيب كبير فيها
فكلاهما يريد أن يؤمن مستقبله، ويشبع رغباته ، طمع في جوانب كثيرة
وهناك فرق بين السعى للوصول إلى أعلى مكانة وهذا حق كل إنسان وبين الطمع في شيء ما
فالانسان الطامع لا تحده حدود ويتنازل عن بعض الأخلاقيات ليشبع طمعه ونهمه
لذلك لا تطمع.......
ولا تطمعى يامن أنت في الصورة....ثم ماهذا الذى تمسكين به في يديك وقدمك وفمك.............................؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

الجمعة، 5 مارس 2010

جدد حياتك .. واقتل قلقك....

إن ما يسيطر على الحياة هذه الأيام هو القلق ،قلق على المستقبل ، على الوظيفة على المال على الأبناء ، على كل شيء وذلك كله في حياة وتيرتها السرعة المتناهية، فالأعمال كثيرة والوقت ضيق وهذا هو تقارب الزمن وضيق الوقت
فأجمل ما تتغلب به على ذلك أن تعيش في حدود يومك ولا تضع العقبات الجسام أمامك فأنت إن تركت تفكيرك يقتلك ويضع أمامك العقبات فستضر نفسك ايما ضرر
وما انتشار الامراض الخطيرة كضغط الدم والجلطة والسكر إلا من اختلال نظامحياتك
فكما قلنا عش في حدود يومك وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : من بات آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها
أترى معى عنده أمن وعافية وطعام يوم : ماذا يساوى ذلك:: فكأنما حيزت له الدنيا أى جمعت له الدنيا
ولن تتحقق هذه الأشياء إلا بالطمأنينة النفسية التى توصل الإنسان الى تفكير سليم وقرارات صحيحة وعدم قلق من غد آت أو أمس فائت
فلا تكسب العالم كله وتخسر نفسك....تخسر نفسك بتحميلها فوق طاقتها من الهموم مما قد يكون له الاثر السلبى عليك فرب صالح انقلب حاله إلى طالح
وإليك هذا الحديث الجميل
اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن
التقوى بينك وبين الله....والعمل الصالح ينفعك في قبرك....والخلق الحسن بينك وبين الناس فهذا يدل على موازنة يجب أن تحدث في علاقتك بالله ويوم القيامة والمجتمع من حولك


الخميس، 4 مارس 2010

ألا أخبركم بأهل النار ؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تكملة الحديث الذى تحدثنا عنه في المقال السابق

( أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ

يوضح هذا الجزء من الحديث صفات أهل النار، (كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ) وقد سيقت بنفس الأسلوب التشويقي الذى عرضت به القضية الأولى، (أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ) لتقابل هذه الصورة الصورة الأولى، وهذه هى إحدى طرقه صلى الله عليه وسلم في توضيح المعنى، حين يبرز الصورة ونقيضها على التقابل، فيظهر حُسن الحَسَن بمجاورة القبيح ، وقُبْح القبيح بمجاورة الحَسَن وتأمل كلمات هذه الصورة الثانية، تجدها تصور المعنى بجرس الألفاظ . فتأمل (عُتُلٍّ ـ جَوَّاظٍ) فتراك تحس بقبحهما قبل أن تعرف معنيهما، إذ يحكيان ثقلاً غير متناه يحكى جسامة الموصوف، فترى تضعيف اللام في عتلٍّ ومجيء كلمة جوَّاظ ـ على الرغم من شدة مخارج حروفها ـ مضعفة العين مختومة بالظاء التى ينتهى لديها إفراط الغلظ.

"أى غلظة وأى فظاظة لا يتصورها السامع عند سماع هاتين الكلمتين ولو لم يفسرهما المفسرون ... إن لطيفة البيان النبوي تفرغ المكان لتفظيع الصفتين، فقد حَلاَّ في الحديث محل الموصوف تدل كل منهما على الذات والصفة حتى ترى الذات قد ذابت في الصفة كماً وكيفاً

الحديث مجملا :

إذن في الحديث صنفان أهل الجنة وأهل النار :

فالضعيف الذى قصده رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذى يكف آذاه عن المسلمين ويخفض جناحه لهم، ومن ثم يتظاهر بالضعف ويمارسه سلوكا بين جمرة المسلمين، وأما الجواظ المستكبر فهو الذى لا يعيش الناس في كنفه ولا يأمنوا شره.

وبهذا البيان الموجز يكون قد حدد صلى الله عليه وسلم سلوك أهل الجنة وسلوك أهل النار "ولم تقف فصاحته عند حد الكلمات المأنوسة لكنها تتعدى ذلك إلى كلمات وإن كانت غير مأنوسة فهى دقيقة معبرة عن المعنى المراد لفظاً وبنية وجرسا."

وفي النص نوعان من الموسيقى : هادئة وعنيفة تناسب الهادئة الأولى، لأن السرور والرضا عند أهل الجنة، وتشتد في الأخرى لمناسبة ما يلقى أهل النار فـ(عُتُلٍّ ـ جَوَّاظٍ ـ مُسْتَكْبِرٍ) كلمات صاخبة في اللفظ لا تصلح موسيقاها إلا إذا صاحبتها في الصخب والعنف ، كما أن دلالات الألفاظ معبرة عن محتواها فلفظ عتل وجواظ من الألفاظ الغليظة الخشنة والسامع لهذين اللفظين يستطيع أن يتخيل أنماط هؤلاء البشر الذين يحملون هذه الصفات.

الأربعاء، 3 مارس 2010

ألا أخبركم بأهل الجنة ؟

روى البخارى قال :[ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الْخُزَاعِيَّ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأََبَرَّهُ أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ].

هذا الحديث الشريف لمسة حانية من الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تربِت على كتف كل ضعيف في الدنيا لا يجد له مكاناً بين الأغنياء وأصحاب النفوذ ، وهو في نفس الوقت متضعف متواضع للمسلمين لا يرى له فضلاً على أحد ، وهو مع ذلك لا يضجر ولا يحزن، فكفاه فخراً بشرى النبى صلى الله عليه وسلم له بأنه من أهل الجنة.

وفي المقابل صورة أخرى على النقيض فيها ترهيب وزجر لأصحاب القلوب الغليظة والطباع الخشنة التى لم تؤثر فيها رقة الإسلام ورحمته فهم متعالون مستكبرون على الناس يتصفون بصفات أهل النار.

فقد حكم النبى صلى الله عليه وسلم على أهل الرقة والضعف بأنهم يتصفون بصفات من يدخلون الجنة ، لتكون البشارة ضمنا لكل ضعيف رقيق القلب أنه من أصحاب الجنة.

كما أنه بين صفات أهل النار تحذيرا وترهيباً لجفاة القلوب غلاظ الطباع أن يكونوا من أهل النار والعياذ بالله ، وقد ساق الكلام مساق العرض في أسلوب تشويقي رائع فقال (أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ) وهذا الأسلوب التشويقي من أنجع الأساليب في إفادة الخبر مؤكداً حيث يعمل على تقريره في نفس المخاطب بما يثيره فيه من تيقظ وتلهف لمعرفة ما شوق إليه ، بعكس ما لو ألقى إليه الخبر خالياً من أى نوع من أنواع التشويق، فشتان بين قولـه (أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ) وبين كل ضعيف متضعف هو من أهل الجنة .

وبعد أن تهيأت النفوس وتشوقت واشرأبت الأعناق شوقاً لمعرفة الخبر قال (كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأََبَرَّهُ) فتم الكلام وعرفوا أصحاب هذه البشرى، وفي هذا الخبر تطييب لنفوس الضعفاء والمساكين وبيان لمكانتهم عند الله. وفي قولـه (لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأََبَرَّهُ) إبراز للمقياس الحقيقي الذى تقاس به الأفراد فلا يقاس المرء بالجاه ولا بالسلطان، فرب ضعيف مسكين لا يلتفت إليه لو حلف يميناً طمعاً في رحمة الله لأبره الله وهو تعبير كنائي رائع يدل على الرضا والقبول وحسن موقع الكناية هنا أنها استخدمت بلفظ لو التى أعانت على قبولها لدى العقل والكناية لها دورها في توكيد المعنى وتقريره فهى تكسب الألفاظ جمالاً وتكسب المعانى ديباجة وكمالاً وتحرك النفس إلى عملها وتدعو القلب إلى فهمها، فهى تقع من البلاغة في أعلى المراتب، وتحوز منها أعظم المناقب.

فهى بهذه المزايا أعانت على تصوير فضل هذا الضعيف ووصف منزلته عند الله، فإن هذا الضعيف من كرامته على الله ومن عظم منزلته عنده لو أنه حلف يميناً لأبر الله قسمه إكراماً لهذا الضعيف فلك أن تتخيل كيف تكون منزلة وكرامة من يعطيه الله هذه المنزلة.

الثلاثاء، 2 مارس 2010

لطائف بيانية من حديث (أفشوا السلام بينكم)


روى مسلم قال :[ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ]

جاء الإسلام العظيم ـ دين السلام ـ برسالة السلام ، ليقرر المحبة والوئام ، ويقضى على ما تفشي في المجتمعات من تناحر وتقاتل لأتفه الأسباب ، ويغرس أساس الحب والإخاء بين الناس، فجعل السلام سبيلاً إلى المحبة ، والمحبة سبيلاً إلى الإيمان ، والإيمان سبيلاً إلى الجنة.

والجنة هي أعظم غايات المؤمن بعد رضا ربه والحديث الذى بين أيدينا ركيزة أساسية في ذلك، ودعامة من دعائم تأسيس السلام فأول ما يلفت الانتباه في هذا البيان هو استهلاله صلى الله عليه وسلم بالقسم على الرواية الثانية ـ والقسم من المؤكدات اللفظية القوية التى يؤكد بها ما يستحق التأكيد.

"والصحابة صلى الله عليه وسلم يجزمون بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم في كل قول يقولـه ، فهو لا يقسم ـ وحاشاه ـ ليجتذب القلوب لتصديقه وقد كان قبل الرسالة يوصف بالصادق الأمين، إذن ينصرف وجه اليمين إلى أن المحلوف عليه من الأمور المهمة ذات البال التى ينبغى أن يستشرف لها السامع ويتلقاها تلقى الاهتمام، لما تعيه من مدلول دينى خطير في حياة الفرد والمجموع".

والمقام هنا مقام ترسيخ لدعامة مهمة وأساس متين من أساسيات هذا الدين ، فهو صلى الله عليه وسلم بأسلوبه التربوي الرائع يعمق في النفوس عاملاً مهماً من عوامل بناء المجتمع السليم النظيف المبنى على المحبة والإخاء والسلام ، حتى إنه صلى الله عليه وسلم جعل السلام شرطاً للإيمان ، بل جعله شرطاً لدخول الجنة وأكد ذلك بالقسم الصريح.

وبعد أن هيأ النفوس بهذا القسم ألقى إليهم الخبر (لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا) وقد جاء هذا الخبر مؤكداً ـ فوق تأكيده بالقسم ـ بطريق القصر ليؤكد حصر دخول الجنة في المؤمنين، وقد أكد هذا الخبر حتى يتأكد ما ينبنى عليه من كلام بعد ذلك لأن هذه الجملة بمثابة مقدمة تترتب عليها نتيجة، وطريق القصر هنا النفى والاستثناء، والاستثناء هنا تحقق بحتى لأنه يصبح تقديرها بإلا ،وقد برزت قيمة القصر هنا في تمكين الكلام وتقريره بما يحمله في طياته من معنى الإثبات ومعنى النفى وهما يخدمان المعنى. وبهذا ينضم التأكيد بالقصر إلى التأكيد بالقسم ليزيد في تقرير المعنى وتمكينه في النفوس.

ثم تأتى بعد ذلك القضية التى مهد لها النبى صلى الله عليه وسلم بهذه المقدمة ـ وهي الغرض المنوط به الكلام ـ معطوفة بالواو فقال (وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا) أى لا يكمل إيمانكم إلا بالتحاب ، ولا تدخلون الجنة عند دخول أهلها إذا لم تكونوا كذلك. وقد أكد الكلام أيضاً بالقصر لما في القصر من حسم وقطع بالقضية من أقصر طريق.

والذى يلفت الانتباه هنا هو ورود قولـه (وَلاَ تُؤْمِنُوا) بحذف النون على الرغم من أنها من الأفعال الخمسة التى ترفع بثبوت النون ، وظاهر السياق يقتضى إثبات النون ، إلا أن الذى يدقق يجد أن رواية الحديث بهذه الصورة لغة صحيحة معروفة وقد نطق بها أفصح البشر صلى الله عليه وسلم.

ثم انظر إلى أسلوبه صلى الله عليه وسلم في عرضه لهذا الطريق عليهم حين قال (أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ) لقد عرض عليهم السبيل إلى المحبة في أسلوب العرض المملوء بالتحفيز والتشويق إلى معرفة هذا الأمر، ويزيد هذا التحفيز تقديم همزة الاستفهام ـ التى أفادت العرض ـ على حرف العطف، والأصل أن يتقدم حرف العطف لأن أداة الاستفهام جزء من جملة الاستفهام

وانظر إلى دقة استخدامه صلى الله عليه وسلم للألفاظ المعبرة عن معانيها تعبيراً دقيقاً حيث استخدامه لـ(أَفْشُوا السَّلاَمَ) بدلاً من أن يقول ألقوا السلام أو يسلم بعضكم على بعض أو غير ذلك، وكأنه صلى الله عليه وسلم يريد السلام بمفهومه الأشمل وليس المقصور على التحية والسلام، السلام الذى ينبعث من الأعماق يترجم المحبة التى يحملها كل قلب مسلم لأخيه فيشعر معه بالأمن والسكينة والطمأنينة. ليس السلام الذى تسمعه الآذان فتتوجس منه القلوب خيفة.

إنها دعوة الإسلام الراقية إلى السلام ونشر المحبة والوئام ونزع الأحقاد والأدران من القلوب ليعيش المسلمون في الأرض إخواناً لا تحاسد بينهم ولا تباغض